من مرثيّات الخريف!

قوس قزح..من مرثيّات الخريف!


دمشق
صحيفة تشرين
رأي
السبت 3 تشرين الأول 2009
زيد قطريب
في غيابك، عاد الخريفُ للمرة العشرين، ولم تصل براعمُك الشهيةُ في بطاقات البريد أو باصات الهوب هوب!.

..لم ترفعي سماعة الهاتف كي تأتي رائحة الحزن مع أوراق الأكاسيا وهي تموت في شارع 29 أيار!. ولم تسقي الأصص الموحشة على شرفات قلبي ولو بقطرة أو دمعة أو رفّة عين!. ‏

في غيابك جفّ بردى، وتبادل الناسُ الأزهار البلاستيكية مع تماثيل الشمع والعبارات المعدّة على عجل.. فتعالي تحتسِ الشحوب في قناني البقين، ونتبادل الأزهار الذابلة مع الياسمين الميت!. لقد بلّطوا الأرصفة التي مشيناها، آلاف المرات، فلا ترسلي مزهرياتك إلى مشاتل قلبي.. سوف أرسل قمصاني مع القطارات الغريبة، كي تصنعي من أكمامها صورة بورتريه لجميع ما اعتقدنا أنه قاب قوسين أو أدنى من أحلامنا التي لم تتحقق حتى الآن!. ‏

في غيابك، عاد الخريفُ وجفّ بردى، واختصروا الكهرباء والماء ونسمة الهواء إلى حدودها الدنيا، فلا تقطعي مئات الكيلومترات كي تتأكدي أن كل شيء على مايرام!. سنلوّن بالأصفر الباهت حتى الابتسامات وربطات العنق وأحذية الناس.. لقد انتهى أيلول على خير هذه السنة أيضاً، مع أن كلماتنا تسقط مثل أوراقه الذابلة فوق تلال الوحشة والبرد.. فلا تذهبي هذا اليوم إلى طريق الربوة، أو تتسلقي صخرة (اذكريني) كعربون على الوفاء والعرفان بالجميل.. مازال هناك متسع من الوقت حتى تزرعي العالم بأزهار الشوك أو نباتات الصالون التي لا يؤثر فيها خريف نهائياً.. للحزن رائحةٌ وعيونٌ وكرسيٌّ يجلس عليه في المقهى.. وإن لم تصدقي، اتصلي على الرقم المخصص لجبران الخاطر.. ستربحين الخذلان من نوع الخمس نجوم، بعيون ملونةٍ وشعرٍ كستنائي.. وخريف يرشُّ دلاء اللون الأصفر في كل الاتجهات

لا ...لا ...لا يمكن لمثل هذه الكلمات ان تسقط مثل أوراق الخريف الذابلة فوق تلال الوحشة والبرد دون ان تحيي بذور ازهار الامل المدفونة بين ثنايا النفس