.. إنعاش!000

قوس قزح.. إنعاش!


دمشق
صحيفة تشرين
رأي
السبت 30 أيار 2009
زيد قطريب
بعد أن استقال الشعر، أو أحيل إلى التقاعد، أو أخذ استيداعاً مشفوعاً بجملة (بلا راتب) أسوةً بموظفي الدوائر الرسمية والبلديات... وبعد أن تحولت نعيات الموتى وآرمات الأطباء إلى نصوص مفتوحة تعبّر عن الحداثة وروح العصر والتطور الهائل بالتقنيات.. بات علينا أن نهزّ رؤوسنا ونصرخ: يا الله، حتى عندما نستمع إلى أصوات الباعة الجوالين وأصحاب البسطات..!.

بعد أن أصبح مديح دواوين (الريزو) من ضرورات التشجيع وجبران الخاطر، بات علينا أن نشهد تناسلاً مخيفاً للنقاد وانقراضاً محزناً على صعيد الشعراء أسوة بأصدقائنا الديناصورات.. فكلمة (ناقد) هي الصفة التي لم تعد تتطلب جمركاً من أحدٍ، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالتربيت على أكتاف الصبايا الجميلات حين يهبط عليهنّ الوحي فيكتبن (شعراً) يدعو للرثاء..!. ‏

بعد أن ترجّل الشعر عن صهواته الكثيرة، ليمتطي ظهر الكيبورد، كان على الشاعر أن يواجه الجمهور بكمبيوتره المحمول أو (اللاب توب)، ثم يقرأ على الحضور رسالته الأخيرة إلى ابنة الجيران، مع ما أمكن من جرّ الفاعل أو كسر المفعول وكذلك الهرب من ضعف اللغة، بتسكين نهاية الكلمات خوفاً من فضائح التنوين على أحرف الجرّ والعطف والممنوع من الصرف والإعراب!. ‏

بعد أن حدث كل ذلك، وبتنا نستمع إلى اعتراف الكثيرين بأنهم ليسوا شعراء، وأن ما يكتبونه قد لا يكون شعراً أيضاً، لكن ذلك لن يمنعهم من إقامة أمسية (شعرية) من أجل قراءة لآلئهم على الجمهور..! بعد أن بتنا نحتفي بكتابات الوسط أو (الستوك)، ونصرخ: (برافو) حتى عندما يتنهّد (الشاعر) أو ينهمك بالسعال..! صار من الطبيعي أن تعقد الندوات من أجل حتى مواويل العتابا أوالرسائل المكتوبة كيفما اتفق على الموبايل..!. ‏

بعد أن دخلت ذائقة الناس غرفة العناية المشددة، وازدهرت بالمقابل نظرية (ماشي الحال).. وبعد أن تحول الشعر إلى عاملٍ على الفاتورة، وقام الهراء بقبض كامل الترفيعات والتعويضات.. صار علينا أن نصرخ جميعاً: (إنعاش)!. ‏

‏

mailto:zkatreeb@yahoo.com‏

‏

‏