.. دبابير أليفة!

قوس قزح.. دبابير أليفة!


دمشق
صحيفة تشرين
رأي
السبت 13 حزيران 2009
زيد قطريب
منذ أن اخترعوا المكاتب الصحفية التابعة للوزارات والدوائر الرسمية والمؤسسات، أُصيبت المعلومات بأمراض الرشح والإلتهابات الحادة والكريب..!

فتلك المكاتب التي لم تختلف شيئاً عن أقسام الذاتية والديوان أو المرآب المسؤول عن صيانة وغسيل سيّارات السيد الوزير.. تمارسُ التلميع والتظبيط وتمسيح الجوخ، حتى ولو عَطَسَ هذا المسؤول أو تنحنح أو اتصل بزوجته كي تطبخ (ملوخية) على العشاء..!. ‏

منذ أن اخترعوا المكاتب الصحفية، أصبحت المعلومات في خبر كان.. فرغم بلاغ مجلس الوزراء بضرورة فتح الأدراج والأبواب المغلقة أمام الصحفيين، إلا أن الفلترَة والبهورَة وحجب التفاصيل شغّالة على قدم وساق.. هكذا بات على الإعلاميّ أن ينتظر شهراً حتى يقابل معاون الوزير أو رئيس الدائرة أو حتى عامل البوفيه..! ولن نقول مقابلة الوزير لا سمح الله!. ‏

الطريف في الموضوع، أن جميع الدوائر والمؤسسات، اكتشفت محاسن إنشاء المكاتب الصحفية تلك، فإنشاء مكتب صحفي من موظفي الوزارة، أفضل بكثير من التعامل مع الصحفيين (المشاكسين) وجهاً لوجه.. المكاتب تخترع روتيناً يتكفّل بتطفيش أي صحفي يحلم بكتابة تحقيق عن الشأن العام.. وتخرج منها الوزارة أو المؤسسة مثل الشعرة من العجين..! المكاتب الصحفية في الوزارات، اختراع جينيّ معدّل، يضمن الطاعة والولاء والقيام بما أمكن من التطبيل للسيد المسؤول.. فبدل ترك المؤسسات والوزارات عرضةً لانقضاض أعشاش الدبابير من الصحفيين، أمكنهم اختراع عشّ مطوّر من الدبابير الأليفة التي لن تكتفي بعدم لسع صاحبها فقط، بل ربما وضعت له العسل والشّهد وسلال البيض البلدي..! ‏

منذ أن اخترعوا المكاتب الصحفية.. لم نعد نسمع سوى الزلاغيط والشوباش وتسيير العراضات.. حتى لو كان العرس في حقيقة الأمر مجرد مجلس عزاء.. فالمكاتب تلك لا تكتفي بجعل المرحوم يصبح عريساً.. بل ربما يزوجونه للمرة المليون..! وشوباش..! ‏